الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تـــونـس عــــطــشـــانـة... والصوناد «خالتي منّانة»

نشر في  06 سبتمبر 2017  (11:53)

قال تعالى «وجعلنا من الماء كل شي حيّ أفلا يؤمنون» (الأنبياء:30)، آية نستدل منها أنه دون ماء لا توجد حياة، وفعلا باتت الحياة صعبة جدا في معظم ولايات الجمهورية التونسية نظرا لشحّ الماء وانقطاعه المتواصل في درجات حرارة فاقت الـ40 درجة، نقص ولد حالة من الغضب لدى اهالي هذه المناطق، وهنا نشير الى أن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه 'الصوناد، تلقت خلال يومي عيد الاضحى حوالي 130 اعلاما باضرابات في توزيع المياه.

ونذكر أن مشكلة الانقطاع المتواصل للماء الصالح للشراب، ليست وليدة اللحظة حيث تعاني جل الولايات الداخلية من نقص فادح في المياه منذ سنوات، وقد تفاقمت هذه الاشكالية في السنوات الأخيرة لتصل ذروتها خلال هذه السنة.
وعديدة هي الولايات والمعتمديات التي شهدت انقطاع في توزيع المياه في الفترة الأخيرة وخاصة خلال ايام عيد الاضحى، وعلى سبيل المثال نذكر أن عدد من اهالي معتمدية المظيلة من ولاية قفصة عمدوا مؤخرا الى الى احتجاز حافلات نقل أعوان شركة فسفاط قفصة وذلك على خلفية انقطاع الماء الصالح للشرب المتكرر منذ شهر جوان المنقضي وندد الاهالي بتجاهل السلط المعنية وعدم تعاملها بجدية مع ملف الانقطاع المتواصل للماء الصالح للشرب عن المنطقة مطالبين الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بإيجاد حل عاجل لانقطاع المياه عن المنطقة
كما عمد أهالي ومتساكني معتمدية المتلوي من ولاية قفصة يوم عيد الاضحى بغلق الطريق الرئيسية بالمنطقة بالحجارة وقاموا إشعال الإطارات المطاطية ومنع وسائل النقل والمارة من المرور وذلك على خلفية انقطاع مياه الشرب منذ الساعات الأولى من صباح يوم العيد.
واغلق أهالي منطقة صبيح من معتمدية الصخيرة بولاية صفاقس الطريق الرابطة بين الصخيرة وصبيح أمام شاحنات نقل الفسفاط بسبب انقطاع الماء الصالح للشرب منذ 4 سنوات..
من جهتهم نفذوا أهالي قرية كمبوت من معتمدية رمادة وقفة إحتجاجية بسبب تواصل إنقطاع الماء الصالح للشرب على القرية لمدة أربعة أيام كاملة مما دفع ببعض الاهالي الى جلب الماء بالجرارات و أمام إستفحال وتفاقم انقطاع الماء الصالح للشرب قام الأهالي بقطع الطريق أمام السيارات و الشاحنات العاملة في صحراء البرمة و منعها من المرور و من أجل تبليغ أصواتهم للسلط المعنية
كما عانت عديد المناطق من ولاية سيدي بوزيد من العطش جرّاء عدم تزويدهم بالماء الصالح للشراب، نفس الأمر في قفصة حيث عبر عديد الاهالي ببعض الولايات عن تذمرهم من الانقطاع المتواصل للمياه، كما تشهد جل معتمديات ولاية الكاف انقطاع متواصل للمياة منذ اشهر، وورغم كل التذمرات فان الاهالي لم يتحصلوا على اي توضيحات تذكر من قبل الجهات المسؤولة، نفس المشاكل عانت منها معتمديات مختلفة من ولايات القصرين وباجة والمهدية وجندوبة، حيث عبّر عدد من متساكني أحياء المروج و الهناء و السعايدية من مدينة جندوبة و التي تضم أكثر من خمسة آلاف نسمة عن إستيائهم جراء إنقطاع مياه الشرب في اليوم الأوّل من عيد الأضحى المبارك.
ولم يقتصر الانقطاع في توزيع المياه على المناطق الداخلية وبعض المناطق الساحلية بل ايضا شملت مناطق من العاصمة ونخص بالذكر أريانة والعمران الأعلى وحدائق المنزه.
نتيجة هذا التراجع في مخزون المياه سجل شهر جوان الماضي 182 حالة قطع للمياه الصالحة للشرب و40 احتجاجًا بسبب اضطراب التزود بالمياه و23 حالة تسرب مياه من الشبكة بالإضافة إلى 12 حالة إبلاغ عن مياه غير صالحة للشرب، حسب المرصد التونسي للمياه، ومثلت قفصة أكثر الولايات إبلاغًا عن انقطاع المياه بـ53 حالة تلتها القصرين وصفاقس بـ21 ثم تطاوين بـ18، وتقدر الموارد المائية لتونس بـ4503 مليون متر مكعب منها 2700 متر مكعب مياه سطحية و1803 مياه جوفية، وتتمركز أعلى نسبة من المياه السطحية بمنطقة الشمال الغربي، فيما توجد أعلى نسبة للمياه الجوفية بالجنوب التونسي وتأتى هذه المياه من الأمطار.
من جهة أخرى نشير الى انه و للمرة الأولى في تاريخها اضطرت تونس مؤخرًا إلى استعمال جزء من مخزونها الاستراتيجي من المياه لمواجهة النقص الحاد في الموارد المائية بفعل موجة الجفاف التي تعيش على وقعها البلاد منذ أكثر من سنتين، كما اضطرت بلادنا في خطوة غير مسبوقة الى استخدام مخزونها الاستراتيجي من المياه، حيث ضخت 170 مليون متر مكعب من المياه من سدودها في الشمال في محاولة منها للسيطرة على النقص الحاد في موارد المياه.

سمير بالطيب:«تونس تجاوزت خط الفقر وأصبحت تحت خط الشح المائي»

وبخصوص أزمة المياه أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية سمير الطيب في تصريحات اعلامية ، أن تونس تجاوزت خط الفقر أصبحت تحت خط الشح المائي»، مشيرا «الى أنه لم يعد بالامكان العيش بالمنظومة القديمة والانتاج المائي المنخفض جدا اضافة الى خسارة شركة توزيع المياه 100 مليم عن كل متر مكعب»
وأفاد الطيب أنه بالرغم من شح المياه لسنة 2017 إلا أنها أفضل بكثير مقارنة بالسنة الفارطة، مشيرا « الى تهرّم القنوات الموجودة في تونس و التي يتراوح عمرها بين 30 و 40 سنة رغم أنه يتوجّب تغييرها كل 20 سنة».
وبحسب المعطيات، التي تقدمها شركة استغلال وتوزيع المياه، فان 42 بالمائة من قنواتها قديمة، ويفوق عمرها ال25 سنة، ومن الضروري استبدالها

مخزون المياه يكفي حتى شهر ديسمبر

وحسب تصريحات وزير الفلاحة فان المخزون المائي حاليا يكفي حتى شهر ديسمبر، وذكر بالطيب انه في صورة تواصل هذا الوضع فقد يكون من الضروري اعتماد خطة لتحديد حصص مياه الشرب، متابعا : «نعمل حاليا على التوعية... ولكن قد نجبر على اعتماد سياسة لقطع الماء في فترة معينة من اليوم»
وأشار سمير الطيب إلى ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بـ 2016، مشيرا إلى تطوّر الإستهلاك بـ 16 بالمائة مثلا في الساحل بالرغم من حملات التوعية لترشيد استهلاك المياه.
وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فان الشركة التونسية لإستغلال وتوزيع المياه سجلت عجزا ماليا كبيرا تجاوز 20 مليون دينار وأصبحت غير قادرة على مواجهة تكاليف المشاريع والاستثمار في المياه و صيانة الأعطاب المتكررة في المنشآت والقنوات المائية
كما اكد الوزير تعدّد حالات سرقة المياه، وقال في هذا الخصوص انّه يوجد 440 ملف سرقة مياه وأكّد من جهة أخرى وجود تعطيلات لإنجاز 13 مشروعا لإيصال مياه الشرب لمناطق ريفية من قبل مواطنين

عبد الله الرابحي : لم نفشل

وفي تصريح لاخبار الجمهورية أكد عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري، أن توزيع المياه الصالحة للشراب لم يشهد انقطاعات كبيرة خلال هذه الصائفة مقارنة بصائفة 2016، مبينا أن ماعشته مختلف ولايات الجمهورية من انقطاع للمياه خلال عيد الاضحى، مسألة استثنائية، نظرا للاستهلاك المفرط للمياه، مبينا أن نقص مخزون المياه والجفاف الذي تعاني منه البلاد منذ سنتين لا يعدا السبب الرئيسي في نقص توزيع المياه بل ايضا الاضرار التي تلحق بعض قنوات المياه اضافة الى تعطل عديد مشاريع تحلية المياه.
و اشار في السياق ذاته إلى أن نسبة ضياع المياه في بعض المناطق بالبلا د تصل إلى 50 % داعيا إلى ضرورة مواصلة ترشيد استهلاك المياه.
وبخصوص تصريحه الذي ادلى به بداية السنة والذي اكد فيه أن «مياه الشرب لن تنقطع عن التونسيين وان حصل ذلك فقد فشلنا»، فذكر الرابحي أن حالات انقطاع المياه نادرة هذه السنة مقارنة بالسنوات الفارطة .

مصباح الهلالي: نعاني من فقر في المياه لكن الوضع ليس كارثيا

أكد الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي في تصريح لأخبار الجمهورية أنه لا توجد حالات انقطاع متواصل للماء الصالح للشراب كما يتم الترويج اليه، مضيفا وجود 2 مليون و800 حريف وأن الماء لم ينقطع سوى على 200 او 300 حريف موزعون على مناطق مختلفة.
وذكر محدثنا أن الانقطاعات التي شهدتها بعض المناطق خلال فترة عيد الاضحى مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة التي وصلت 40 درجة اضافة الى مرور البلاد ب3 سنوات من الجفاف وانخفاض منسوب السدود ومنسوب المياه الجوفية مؤكدا أن كل هذه العوامل اضافة الى الاستهلاك المفرط للمياه خلال هذه المناسبة تسببت في انقطاع المياه، مشيرا الى أن التونسي لم يقتنع بعد ان البلاد تعيش حالة من الفقر في المياه وانها ليست غنية بما يكفي في هذا المجال، كما بين أن الشركة دعت في اكثر من مناسبة وفي عديد البلاغات الى ضرورة الترشيد في الاستهلاك تحسبا لكل طارئ .
وتحدث مصباح الهلالي عن اعطاب القنوات حيث افادنا ان بلادنا تضم 53 الف كلم من القنوات ويتم تسجيل 50 عطب يوميا، مؤكدا أن الشركة تضع كامل فريقها التقني لاصلاح هذه الاعطاب .
وبين الرئيس المدير العام للصوناد أن سنة 2017 لم تشهد انقطاعات مشابهة للتي عاشتها البلاد سنة 2016، وبخصوص ما صرح به وزير الفلاحة سمير بالطيب والمتمثل في كون مخزون المياه سيغطي الحاجيات الى غاية ديسمبر 2017، فذكر محدثنا أن الوزير تحدث عن منظومة بعينها وهي سدّ سيدي سالم الذي بلغ مردوده هذه السنة 20 بالمائة فقط من معدل ايرادات ال10 سنوات الفارطة، مؤكدا أن الشركة لا تعول على هذا السد فقط حيث هناك منظومة أقصى الشمال التي تضم عديد السدود، اضافة الى اتجاه الشركة نحو تحديد الاوليات، مبينا أن 80 بالمائة من ايرادات المياه متجهة الى الاستعمال الفلاحي و20 بالمائة استهلاكات اخرى ، وانه بات من الضروري اليوم ترشيد استهلاك المياه واحداث معادلة في استعمال المياه وتحديد الأولويات، مؤكدا أن تونس تمكنت من تسيير الامور خلال 3 سنوات من الجفاف مبينا انه لا يجب تهويل الموضوع لان الوضع ليس كارثيا، وان تونس لن تعاني من العطش رغم حالة الفقر في المياه التي تعيشها، مشيرا الى أن تونستصنف ضمن الدول التي تعاني فقرًا في المياه، إذ سجلت حصة الفرد 450 متر مكعب من المياه سنويًا، مقارنة ب1000متر مكعب كمتوسط عالمي.
وطالب مصباح الهلالي بضرورة الترشيد في استهلاك المياه خاصة في المناطق الريفية التي تشهد استعمال مكثف للماء الصالح للشراب.
من جهة أخرى وبخصوص موضوع تعديل تعريفة المياه الصالحة للشرب، أكد محدثنا أنه بات من الضروري الزيادة في التسعيرة معتبرا ان سعر الماء في تونس من أرخص الأسعار في العالم، وهو ما فرض اقتراح الزيادة بثلاثة دنانير خلال كلّ ثلاثية في تسعيرة إستهلاك الماء الصالح للشراب موضحا أن هذه التسعيرة ليست قارة اي سيتم تقديرها وفقا للاستهلاك وستشمل 72 بالماء من الحرفاء، واكد أن الشركة التونسية لإستغلال وتوزيع المياه لم تعد قادرة على مواجهة المصاريف، خاصة وان الشركة تخسر في كل متر مكعب 100 مليم، واصفة هذا الزيادة بالواجب الوطني للمحافظة على المرفق العام.


اعداد: سناء الماجري